تتمتَّع مرتفعات الإقليم جبالاً وقرى بخلفيّة تاريخية ذكرها المؤرخون في أكثر مراجعهم، إذ كانت جباع مقراً للحكم في شمالي جبل عامل، بمقابل مراكز الحكم المرادفة في قلعتي الشقيف وتبنين وغيرهما. وشيّدت فيها قلاع ومواقع عسكرية ليتحصّن فيها المدافعون عن المناطق الدّاخلية فضمّت قلعتين رئيستين في جباع وصربا، وحصناً في عين قانا ومواقع دفاعية في جرجوع وحومين الفوقا.

وتعود كنية الإقليم بالتّفاح، إلى طبيعة أرضه المؤهّلة لزراعة أشجار الفاكهة "التفاحية"، المتميزة على مختلف مزروعاته. وذُكرت تسميات بعض جباله وقراه في تاريخ النصوص الملكيّة المصريّة القديمة، وكذلك في زمن الهكسوس الذين تسلّطوا على مصر بين 2160 و1580ق.م. وتمدّدوا ليصبحوا أحلافاً للكنعانيّين الذين بنوا حصوناً في جنوب لبنان لردّ هجمات الآشوريّين على مصر.

وفي الألف الأول قبل الميلاد، كان الفرس والأغريق والروّمان والعرب يشغلون جنوب لبنان، فسكن بعض الأقوام كالجّرامقة والأيطوريّين والعرب المنطقة الجبليّة، فعادت إليهم بعض تسميات القرى مثل الجّرمق وحيطورة وعربصاليم، وتعود للرومان بعض الآثار كبقايا المساكن وقنوات الرّيّ والمدافن والأسماء القديمة للمواقع المعروفة في بلدات إقليم التفاح.

لقد سلك الرّحّالة الدكتور إدوار روبنسون طريق الإقليم الدّاخلية ووصل إلى جباع يوم الأربعاء 7 نيسان عام 1852، فكتب: "كانت جباع قبلاً قصبة إقليم التفاح، وهي قرية كبيرة، ولم يبقَ من الحصن أو القصر الذي كان يسكنه المشايخ حكّام الإقليم إلا الأطلال. أما حاكم الإقليم الحالي فهو تركي ومركزه الرئيسي في الغازية"، ثم أضاف: " عشر دقائق بعدها من الرقبة المقابلة جباع أوصلتنا إلى قمّة السلسلة التي بعدها ووراءها رأس وادي ملكي الذي يجري عن شمال صربا. الساعة الثالثة والدقيقة الثلاثون كانت مزرعة بيت الكركة الصغيرة عن يسارنا (عين بوسوار). الساعة الثالثة والدقيقة الخمسون وصلنا طريق جزين جرجوع. وبعد خمس دقائق كنا في أعلى نقطة من الطريق بين جباع وجرجوع.

كان المنظر في هذا الإرتفاع فسيحاً، متسعاً وقد تمتعنا به كثيراً إثرَ إنقشاع الغيوم بعد الظهر، وفي اليوم التالي، لم نعد نرى سلسلة الآكام الواقعة في الشمال، الإقليم من جهته الغربية والجنوبية مفتوح ومدرَج وأرضه زراعية متسعة ومتنوعة تملأها الحقول الخضراء الشاسعة. يمتد هذا المنظر من مصبَ الأولي إلى رأس الأبيض جنوبي صور ويشتمل على أقاليم الخروب والتفاح والشقيف وبشارة والسّاحل أيضاً. ولم نتمكَن من تمييز الأودية العميقة الضيقة والآكام المنحدرة، والسلاسل الصخرية التي تقاطع سطع هذا الإقليم".

في الإقليم مجموعة من المقامات والمشاهد، منها مقام النبي صافي في قمّة جبل صافي، مقام أبو الرّكاب فوق عرمتى، مقام سجد فوق جرجوع، مقام صاليم فوق عربصاليم، ومقام محمد الباقر في عين قانا.

وكانت الإعتداءات الإسرائيلية منذ العام 1967، والإحتلال المباشر عام 1982، وحتى تاريخ الإنسحاب الإسرائيليّ عن جنوب لبنان في أيّار 2000، تسبب بتراجع الحركة السياحية في الإقليم وإنعدامها، وتدهور الزراعة وحرق مئات الهكتارات من الكروم المثمرة والأشجار الحرجيّة، فضلاً عن تدمير المنازل والمواقع الأثريّة والتراثية، ونزوح الأهالي وفرز ديموغرافي وسكاني، ما زال الإقليم يعيش آثاره ويعاني من تبعاته.