تميّزت جباع على مدى تاريخها وفي حاضرها، بموقع الرّيادة العلميّة والفقهيّة والإدارية، ما أهّلها لتكون عاصمة إقليم التفاح وقلبه النابض. وهي من أجمل تلاله وأعلاها، وكانت تشكِّل قبل الحرب أجمل مصايف الجنوب، نظراً لهوائها الطّيّب وعذوبة مياهها التي تكثر ينابيعها في البلدة لتبلغ نحو 360 نبعاً. أهمها نبع "القبي"، وسبعة من العيون، وللذيذ ثمر كرومها من التفّاح التي حمل الإقليم إسمها، والإجاص والعنب وغيرها.

عرفت منذ القدم بجباع الحلاوة، وإسمها "جَبَع" يعني الجبل والتلّ والهضبة بالعبريّة، وضُرب بها المثل بحدود جبل عامل القديمة "من البصة إلى جباع الحلاوة"، وعرفت كذلك لأن كثيراً من أهلها كانوا يصنعون "الحلاوة"، وكانت فيها معاصر لهذا النوع من الحلويات.

تبعد جباع 68 كيلومتراً عن بيروت، و16كيلومتراً عن مدينة النبطية، ترتفع 770متراً إلى 900 متر عن سطح البحر . مساحتها العقارية مع عين بوسوار نحو 12 كيلومتراً مربّعاً، أبناؤها حوالي عشرة آلاف نسمة، فيها قرابة 1200 وحدة سكنية يتوزّع المقيم على أحياء عدّة، منها: قبيّ، الرويس، الساحة الغربية، الوطى، الزغرين، التعميرة.

تشتهر إلى كرومها ومزروعاتها الدّائمة والموسمية، بمناخها الصيفيّ الجميل، وهي رفيقة الضّباب، صيفاً وشتاءً، وبمقاهيها وفنادقها ومنتزهاتها الإصطيافيّة. وهي تتحكّم من إرتفاعها، بموقع متميّز أخّاذ في الإقليم، فتشرف على معظم قراه وعلى مساحات واسعة من قرى الجنوب والشاطئ الجنوبيّ، وفيها وفرة مائية تتيح الزّراعة الدّائمة والموسميّة وإنتشار الثّروة الحرجية، لذلك لا تغيب الخضرة عن كرومها وعن غاباتها الصنوبريّة الغنيّة كذلك بأشجار السّنديان والحور. أهم ينابيعها: جليخا، الذي يروي جزءاً أساسياً من البلدة، والقبيّ، المرجة، حويلة، عبّود، الوادي، البسيس، وفيها عينا مياه: التّين وأركيز.

كانت هي وجزين ومشغرة مجمع علماء جبل عامل وطلاّبه، وكانت مقرّ حكم المنكريّين في العهد الإقطاعيّ، لهم فيها سراي عظيمة، آثارها تتوزّع بين "دار إمارة"، إلى جانب جامع كبير وحصن ومشنقة في قلعة جباع من ضريبة "الوير كو" التي فرضها الأتراك على الأهالي، من بنائهم، لم يبقَ منها إلاّ بعض الأطلال، وهي محلّ دار "الشهيد الثاني" والشيخ عبد الله نعمة الفقيه الشهير ... فضلاً عن نحو ثلاثين عالماً وفقيهاً تخرّجوا من مدارسها الدّينية والفقهيّة. كانت مركزاً للحكم الذّاتي في العهد العثمانيّ ومديريّة  مستقلّة أثناء فترة الإنتداب الفرنسي على لبنان.

بنى فيها أحمد الجواد، الذي ورث الزعامة عن أبيه محمد الجواد المنكريّ، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر داراً على قناطر لا تزال قائمة فوق الطّريق المؤدّية إلى داخلها حتى اليوم، وفيها مغاور صخريّة وحمّام تركيّ بقي من أيام العثمانيين الذين انتهى حكمهم عام 1914.

 

عين بوسوار

 

تكاد عين بوسوار تراقص الغيم وتحتضنه، تتغاوى بخضرتها الملامسة للسّماء، بعدما إكتسبت نعمة الطبيعة الخلاّبة، وعيون ماء تداوي العليل، فأضحت محطة كل عابر ليعبّ من مائها الغازيّ الخفيف ويستمتع بورنقها وإنسيابها من أعاليها البالغة أكثر من 950 متراً عن سطح البحر، ونزولاً نحو عين قانا غرباً أو جباع شمالاً، أو نحو جرجوع جنوباً، وهي تترصّد البحر المتوسّط، كما نديمتها جباع، وتعاين مساحات واسعة من قرى الجنوب والساحل.

عُرفت قديماً بإسم "كرم القطن" ومزرعة "بيت كركي"، وثمة ترجيحات مختلفة لإسمها، ففي حين يتردد أن "أحد الفرنسيين مرّ بها في ليلة مقمرة أضاءت منحنيات هاتيك المنطقة والمنعطفات، فبدت في منظر رومنسيّ مُوحٍ بالشّعر والحلم، ممّا حمل الفرنسي على القول: "Quel beau soir"، وهكذا سمّيت بعين بوسوار أو "عين أبي سوار" من مزيج عربي وفرنسيّ.

وفي تفسير لغويّ، يقال: "أسأر" الشارب في الإناء، أي بقى فيه بقيّة، ويقال "السؤر" ويعني ما تبقّى في الإناء من ماء، ومنها قول "إذا شربت فأسأر" أي أبقِ في قعر الإناء شيئاً من الماء.

تبعد 68 كيلومتراً عن بيروت، و14 كيلومتراً عن مدينة النبطية. أهلها نحو ألفي نسمة، يتوزّع المقيم منهم على 200 وحدة سكنيّة، في أحياء متلاصقة وحقول منفرجة، من أسمائها: المزرعة، العين الفوقا، العين التحتا، القلعة، كرم الشير، وهو يتبع إلى محلة تدعى شير الحمام وهو من المعالم المهمّة، إذ أنّه كهف صعب المرتقى، يعتقد أنّ بداخله بقايا وأدوات تعود للإنسان القديم. ويتردّد أنّه لو أجريت دراسة عليه لوجدت فيه آثار للإنسان القديم. أغار عليه الطيران الإسرائيلي إبّان الحرب فأصيب مدخله وغاب عن الأنظار.

تشتهر البلدة بزراعة التّوت، وكانت تنتشر فيها تربية "دود القزّ". وتنتشر في أراضيها كروم التّفاح والعنب والجوز.