ترتمي عين قانا بحنان في قلب إقليم التفاح، تتوسّط إرتفاعه الصّارخ ذا الجدائل السّنديانيّة الخضراء، وأطرافه المتهادية بين الأودية في ظلال الزّيتون. فتمنح عين بوسوار المطلّة شرقاً من عليائها بانحدار حادٍّ يقارب الثلاث مائة متر، صفاء المجد وصلاة الشّروق، وتحدّي لجارتها مساء بترنيمة الأفول.

تتداخل عين قانا بشكل حميم بجارتها جباع شملاً، وعين بوسوار وجرجوع شرقاً، وصربا وكفرفيلا غرباً، وحومين الفوقا جنوباً، تبعد 68 كيلومتراً عن بيروت، و20 كيلومتراً عن مدينة النبطية. ترتفع 680 متراً عن سطح البحر، بمواقع متفاوتة تتوزّع اللمرتفعة منها بين تلال الحصن والمنطقة السكنيّة والشواغير وخلالي الميس والجنجلة والقرقفة، والمنخفضة بين عين الحور وبربرايا والسعدونيّة ورأس مازح. ومثلها تتفاوت تربتها من حيث جودتها الإنتاجية بين خصبة وغير صالحة للزّراعة.

أهلها نحو ستة آلاف، يتوزع المقيم منهم فيها، على حوالي 700 وحة سكنيّة، وتبلغ مساحتها قرابة ستّة كيلومترات مربعة. وعن حقيقة إسمها تتعدّد التّرجيحات، فقد ذكر المطران إثناسيوس أفرام أن إسم عين قانا سريانيّ الأصل، نسبة إلى السّكان الآرامييّن السريان الذين نزحوا من جنوب سوريا ما بين الرّابع والسّابع ميلادي. وعن معناه يقول الدكتور أنيس فريحة: عين العشّ، أو المالك او تحريق Qanya القصب، واللفظة إسم مفعول عن qna ملك وحاز، فيكون معنى الإسم "العين المملوكة المقتناة". والقانّ هو شجر من أشجار الجبّال، واحدته قانة.

تستفيد البلدة بمياه الشّفة من بنع الطاسة وتروي بعض حقولها من نبع عين بوسوار ومن بعض ينابيع جباع. وتشرب في بعض الأحيان من مياه نبع بربرايا الذي ينبجس من أطرافها الجنوبية والذي كان يشرب منه الأهالي قديماً، ويشكّل واحة إستجمام مع إطلالة فصل الربيع.

وتشير أسماء حاراتها إلى مواقع وآثار تاريخية مثل الحصن وهو في شرقيّ البلدة، على تلّ مرتفع يشرف إشرافاً كاملاً على المنطقة المنبسطة أمامها، حتى صيدا والسّاحل. لا تزال على قمتّه بقايا بناء يعود لعائلة جواد من آل منكر، الذين ارتبط إسمهم بتاريخ إقليم التفّاح، ويتردّد أن قبو الحصن، الذي ما زال قائماً إلى  يومنا مع بعض جدران الحصن وقلعته وأجرانه، كان يحتوي على أسلحة قديمة خبّأها آل منكر.

وقد بنى قلعة الحصن أحمد بن محمد الجواد المنكريّ، بعدما بنى داراً على قناطر جباع التي كان زعيمها بعد أبيه، وقد قتل أحمد الجواد بين بيروت وصيدا إثر تدهور عربة الخيل التي كان يستقلّها، ودفن في صيدا.

والقلاعي التي كانت فيها قلعة المعصرة وجملة من القلاع المحيطة بالحصن، وبربرايا حيث النّبع وعدّة كهوف ومقابر منحوتة في الصّخر والأرض ونقوش على صخور توجد تحتها مغاور ومدافن، والشواغير التي كانت فيها مطاحن ومعاصر ومغاور ترسبيّة، وفي عين الحور حيث تستوطن مغارة كبيرة تشبه مغارة قانا، وقناة حجريّة تعرف بقناة "زبيدة"، ومنطقة السعدونية التي اكتشفت فيها مغاور مدفنيّة وآثار معاصر زيت وأجران وأوان وبئر منحوتة في الصّخر لها شكل الخابية.